الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: إعراب القرآن **
وقد أبدلت من لامه حرف لين فمن ذلك ما قاله القاسم في قوله تعالى: " لم يتسنه " إنه من قوله: " وقيل: هو من السنة تسنى أي: مرت عليه السنون فتغير. ومن أثبت الهاء في الوصل فلأنهم قالوا: سنة وسنهات فيكون الهاء لام الفعل. ومن ذلك قوله تعالى: " يقال: أمللت وأمليت. ومن ذلك قوله: " قالوا: لأنه من المطيطاء. ومنه قوله: " ومنه قوله تعالى: " فدلهما بغرور " أي: دللهما لقوله: " هل أدلك ". ويكون فعل دلى يدلى الذي مطاوعه تدلى: كقوله: هما دلتاني من ثمانين قامة أي: أوقعهما في المعصية بغروره وإلقائهما فيها وطرحهما. قال سيبويه: وكل هذا التضعيف فيه عربي كثير جيد جدا يعني: ترك القلب إلى الياء عربي جيد إذا قلت: تظنيت وتسريت. وقد جعل سيبويه الياء في تسريت بدلا من الراء وأصله: تسررت وهو من السرور فيما قاله الأخفش لأن السرية يسر بها صاحبها. وقال ابن السراج: هو عندي من السر لأن الإنسان يسر بها ويسترها عن حزبه كثيرا. والأولى عندي أن يكون من السر الذي هو النكاح. وقيل: ليس الأصل فيه تسررت وإنما هو تسريت بمعنى: سراها أي: أعلاها وسراة كل شيء: أعلاه. وأما كلا وكل فليس أحد اللفظين من الآخر لأن موضعهما مختلف تقول: كلا أخويك قائم ولا تقول: كل أخويك قائم. ولا يجوز أن تجعل الألف في كلا بدلا من اللام في كل ولم يقم الدليل على ذلك وكذلك قال سيبويه. ومثله: ذرية أصله: ذروة فعلولة من الذر فأبدلت من الراء ياء وقلبت الواو ياء وأدغمت فيه فصارت ذرية. وفي ذلك ما روى عن ابن كثير في قوله: " قال أبو علي: وجه ما روى من " فذانيك: أنه أبدل من النون الثانية الياء كراهية التضعيف. ومن ذلك قراءة من قرأ: " ومثله: "
فمن ذلك قوله تعالى: " ومن ذلك قوله: " أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون " و " وهكذا في جميع التنزيل من هذا النوع. ومن ذلك قوله تعالى: " وكذلك قوله: " دليل ذلك قوله: " وكما ظهرت الواو هنا فهي مقدرة في الجملتين المتقدمتين إذ ليست الجملتان صفة لما قبلهما ولا حالا ولا خبرا لما تقدم في غير موضع وإنما هما جملتان في تقدير العطف على جملتين. ومن ذلك قوله تعالى: " وأما قوله تعالى: " وأما قوله تعالى: " فحمله أبو الحسن على حذف الواو نهى بعد أمرٍ. وحمله الفراء على جواب الأمر وفيه طرف من النهي ومثله: " ومن ذلك قوله: " وقال الله تعالى: " قال الذين يريدون " أي: وقال. ومن ذلك قال الفراء في قوله: " أوهم قائلون " على إضمار الواو كأنه: أو وهم قائلون فحذفت قال أبو علي: إنما قال هذا لأن " أوهم قائلون " معطوف على " بياتا " الذي هو حال فهذه الجملة إذا دخلت كانت مؤذنة بأن الجملة بعدها للحال أيضا فالتقدير أتاهم بأسنا بائتين أو قائلين. ولو قلت: جاءني زيد ويده فوق رأسه بلا واو لكان حسنا وإذا كان كذلك فقد يجوز ألا تقدر الواو يدلك على أن قوله " وهم قائلون " جملة في موضع مفرد قوله: "
وهذا الباب يتلقاه الناس معسولا ساذجا من الصنعة وما أبعد الصواب عنهم وأوقفهم دونه وذلك أنهم يقولون: إن إلى يكون بمعنى مع ويحتجون لذلك بقول الله تعالى: " وقال الله تعالى: " ويقولون في بمعنى على ويحتجون بقوله تعالى: " وهذا في الحقيقة من باب الحمل على المعنى. فقوله: " أي مضمومة إليها وكذلك قوله: " وأما قوله: "
وذلك قد جاء في التنزيل في ستة مواضع: فمن ذلك قوله تعالى: " وقال: " وقال الله تعالى: " وقال الله تعالى: " وقال: " فهذه ستة مواضع. فالهاء والكاف في هذه الآي جرٌّ عندنا. وقال أبو الحسن: هو نصب واحتج بانتصاب قوله " وأهلك " فلولا أن الكاف منصوب المحل لم ينصب " أهلك " واحتج بأن النون إنما حذف حذفا لتعاقبه المضمر لا لأجل الإضافة فوجب أن يكون منصوبا قياسا على قولنا: هؤلاء ضوارب زيداً وحجاج بيت الله فإن التنوين هنا حذف حذفا فانتصب ما بعده كذلك ها هنا ولا يلزم قولكم إن المضمر يعتبر بالمظهر لأنا نرى نقيض ذلك في باب العطف حيث لم يجز عطف المظهر على المضمر المرفوع ولا على المضمر المجرور وإن جاز عطفه على المضمر المنصوب فكذلك ها هنا يجوز أن يقع المضمر منصوبا وإن كان المظهر لو وقع كان مجرورا. ولنا أنه اسم مضاف إليه اسم قبله فوجب أن يكون مجرورا قياسا على: ضاربا زيدٍ وغلاما بكر وهذا لأن المضاف إليه يعاقب النون أو التنوين وهذا الاسم عاقب النون حتى لا يجمع بينه وبين النون في حال السعة فوجب أن يكون مجرورا ولأن المضمر يعتبر بالمظهر ما لم يعرض هناك عارض مثل ما عرض في باب العطف بامتناع المظهر على المضمر المرفوع لما صار المضمر المرفوع كالجزء من الفعل بدليل إسكانهم لام الفعل من أجل هذا المضمر في ضربت وامتنع عطف المظهر المجرور على المضمر المجرور لامتناع الفصل بين الجار والمجرور وهذا المعنى لم يعرض ها هنا فبقى اعتباره بالمظهر. وأما انتصاب " أهلك " من قوله: " إنا منجوك وأهلك " فبفعلٍ مضمرٍ لامتناعه من أن يكون معطوفا على مضمر مجرور لأن الظاهر لا يعطف على المضمر المجرور. وأما الهاء في قوله: " فإن قلت: فإن معنى قوله: " وإذ لم يكن في صدورهم إلا كبر قلت: المعنى: ما هم ببالغي ما في صدورهم فقد قلت: إن المعنى: ما هم ببالغي ما في الكبر لأن في صدورهم الكبر لا غير. فالقول في ذلك: إن هذا على الاتساع وتكثير الكبر لا يمتنع أن يكون في صدورهم غيره ألا ترى أنك قد تقول للرجل: ما أنت إلا سير وما أنت إلا شرب الإبل وإذا كان كذلك كان المعنى: إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغي ما في صدورهم ويكون المعنى بقوله " ما في " قال أبو عثمان المازني: ولا يضاف ضارب إلى فاعله لأنك لا تضيفه إليه مضمرا وكذلك لا تضيفه إليه مظهرا. قال: وجازت إضافة المصدر إلى الفاعل مظهراً لما جازت إضافته إليه مضمرا. وكأن أبا عثمان إنما اعتبر في هذا الباب المضمر فقدمه وحمل عليه المظهر من مثل أن المضمر أقوى حكما في باب الإضافة من المظهر وذلك أن المضمر أشبه بما تحذفه الإضافة وهو التنوين من المظهر. وكذلك لا يجتمعان في نحو: ضاربانك وقاتلونه من حيث كان المضمر بلطفه وقوة اتصاله وليس كذلك المظهر لقوته ووفور صورته ألا ترك تثبت معه التنوين فتنصبه نحو: ضاربان زيدا وقاتلون بكرا فلما كان المضمر مما تقوى معه مراعاة الإضافة حمل المظهر وإن كان هو الأصل عليه.
فمن ذلك قوله تعالى: " ومنه قوله: " اسلك يدك في جيبك تخرج " أي: أخرجها تخرج. وقال: " والثاني: أن قل تقتضى مقولا وذلك المقول ها هنا " أقيموا " فالتقدير: قل لهم أقيموا الصلاة يقيموها أي: إن قلت أقيموا أقاموا لأنهم يؤمنون فيكون جواب أمر محذوف دل عليه الكلام. والثالث: أن يكون بحذف اللام من فعل أمر الغائب على تقدير: قل لهم ليقيموا الصلاة. وجاز حذف اللام هنا ولا يجوز ابتداء مع الجزم لأن لفظ الأمر ها هنا صار عوضا من الجازم وفي أول الكلام لا يكون له عوض إذا حذف. وفي التذكرة في قوله: " هذا قول سيبويه. وقال قوم: إن قول الفراء أجود وذا كأن " تؤمنوا " لا يقتضى جوابا مجزوما لأنه مرفوع والاستفهام يقتضيه وإذا وجب بالإجماع حمل الكلام على المعنى فأن يقدر " هل تؤمنوا يغفر " أولى لارتفاع " تؤمنون " ولكون المعنى عليه ويكون " تؤمنون " بدلا من " أدلكم ". قال أبو عثمان في قوله: " وهذا لا يرتضيه أبو علي لأن الموجب للبناء في الاسم الواقع موقع المبني لا يكون مثل ذلك في الأفعال وإنما يكون في الأسماء.
فمن ذلك قوله تعالى: " فاقع لونها تسر الناظرين " وقف على " فاقع " أنث اللون لأنه قد اكتسى من المضاف إليه التأنيث. وقال: " وقال: " تلتقطه بعض السيارة " في قراءة الحسن بالتاء. ومن ذلك قوله: " ومن خزي يومئذٍ " " وقوله: " وربما يكتسى منه الشيوع ومعنى الشرط ومعنى الاستفهام. فالشيوع كقوله: " فأما قوله تعالى: " وقال قوم: " وقالوا: إنما بني لأنه أضيف إلى الجملة والجملة لا يتبين فيها الإعراب فلما أضيف إلى شيئين كان مبنياًّ. وقالوا في قوله تعالى: " وما أدريك ما يوم الدين " فجرى ذكر " الدين " وهو الجزاء قال: " يوم لا تملك " أي: الجزاء يوم لا تملك فصار " يوم لا تملك " خبر الجزاء المضمر لأنه حدث فيكون اسم الزمان خبرا عنه ويقوى ذلك قوله: " ويجوز النصب على أمرٍ آخر وهو أن " اليوم " لما جرى في أكثر الأمر ظرفا ترك على ما كان يكون عليه في أكثر أمره ومن الدليل على ذلك ما اجتمع عليه القراء في قوله تعالى: " وقوله تعالى: " ومثله: " ومثله: " لقد تقطع بينكم " فيمن نصب. ومثله: " قال سيبويه: وسألته عن قولهم في الأزمنة: كان ذلك زمن زيدٍ أمير فقال: لما كانت بمنزلة إذ أضافوها إلى ما قد عمل بعضه في بعض كما يدخلون إذ على ما قد عمل بعضه في بعض فلا يغيرونه فشبهوا هذا بذاك. ولا يجوز هذا في الأزمنة حتى تكون بمنزلة إذ فإن قلت: يكون هذا يوم زيد أمير خطأ. حدثنا بذلك عن يونس عن العرب في ذلك لأنك لا تقول: يكون هذا إذا زيد أمير. قال أبو عثمان: جملة هذا الباب: إن الزمان إذا كان ماضيا أضيف إلى الفعل أو إلى الابتداء والخبر لأنه في معنى إذ فأضيف إلى ما يضاف إليه وإذا كان لما لم يقع لم يضف إلا إلى الأفعال لأنه في معنى إذا وإذا هذه لا تضاف إلا إلى الأفعال. قلت: وفي التنزيل: " يوم هم بارزون " و " وفيما اكتسى المضاف من المضاف إليه التأنيث: " وتوفى كل نفسٍ " و " اليوم تجزى كل نفسٍ " وقوله: "
فمن ذلك قوله تعالى: " نظيره في الأنبياء: " وقد شاع كون المضاف إليه بدلاً من التنوين والألف واللام.
وليس المعطوف مغايرا للمعطوف عليه وإنما هو هو أو بعضه فمن ذلك قوله تعالى: " ومثله: " ومثله: " وقال: " فأما قوله: " فيها فاكهةٌ ونخلٌ ورمان " فالشافعي يجعله من هذا الباب فيقول لو قال رجل: والله لا آكل الفاكهة فأكل من هذين يحنث وجعله من هذا الباب ك " جبريل وميكال ". وأبو حنيفة يحمله على أصل العطف من المغايرة دون ما خص بالذكر بعد الواو إما تعظيماً وإما لمعنى آخر. ومثله: " والذي هو يطعمني ويسقين وحكى سيبويه: مررت بزيد وصاحبك ولا يجوز: فصاحبك بالفاء خلافا لأبي الحسن الأخفش. وقال: " وفي موضع آخر: " والكتاب والقرآن واحد. فأما قوله " فيكون من هذا الباب فيكون الذي في موضع الجر أي: تلك آيات الكتاب المنزل إليك ويرتفع
فيمكن حمله على الخطاب أو على الغائبة فمن ذلك قوله تعالى: " قال أبو علي: يمكن أن يكون حالا للمخاطب أي: خذها مطهراً لهم فإن جعلت تطهر صفة ل " صدقة " لم يصح أن يكون " تزكيهم " حالا من المخاطب فيتضمن ضميره لأنك لو قلت: خذ مزكيا وأنت تريد الحال فأدخلت الواو لم يجز ذلك لما ذكرنا ويستقيم في " تطهرهم " أن يكون وصفا وكذلك " تزكيهم " وصفا له وكذلك " تزكيهم " لمكان " بها ". كما يستقيم فيهما أن تكونا حالين ولا يستقيم أن تكون الأولى وصفا والأخرى للمخاطب كما لا يجوز أن تكون الأولى حالا والأخرى وصفا لمكان الواو. ومن ذلك قوله: " أي تحل أنت وإن شئت: أو تحل القارعة. ومثله: " وألق ما في يمينك تلقف " إن شئت: تلقف أنت وإن شئت: تلقف العصا التي في يمينك فأنث على المعنى. وقال: " المتم الستين باب ما جاء في التنزيل من واو الحال تدخل على الجملة من الفعل والفاعل والمعروف منها دخولها على المبتدأ والخبر كقوله: " وطائفة قد أهمتهم أنفسهم ". وقد دخل على الفعل والفاعل في مواضع فمن ذلك قوله: " لا ذلولٌ تثير الأرض ولا تسقي الحرث " كان سهل يقف على ذلول ويبتدى بقوله: " تثير الأرض " فيكون الواو في " ولا تسقى الحرث " للحال دون العطف لأن النفي لا يعطف ومن ذلك قوله: " ومن ذلك قوله تعالى: " قال: وإن شئت كان على لفظ الخبر والمعنى: معنى الأمر كقوله: " وإن شئت جعلته حالا من استقيما وتقديره: استقيما غير متبعين. وأنشد فيه أبياتاً تركتها مع أبيات أخرى. فأما قوله: " فالواو للاستئناف عطف على " وإذ قالت ". ويجوز أن يكون للحال من الطائفة أي: وإذ قالت طائفة منهم كيت وكيت مستأذنا فريق منهم النبي. وجاز لربط الضمير الجملة بالطائفة أي: قالت كذا وحال طائفة كذا. ومن ذلك قوله تعالى: " يجوز أن يكون حالاً من الباغين أي: يصدون باغين ويجوز أن يكون حالا من السبيل. ويجوز الاستئناف لقوله في الآية الآخرى: " وتصدون عن سبيل الله من آمن به وتبغونها عوجاً ". وحكم تعديته أعني " تبغون إلى أحد المفعولين أن يكون بحرف الجر نحو: بغيت لك خيرا ثم يحذف الجار. ومن ذلك قوله تعالى: " الواو في " اتخذتموه " واو الحال أي: أرهطي أعز عليكم من الله وأنتم بصفة كذا فهو داخل في حيز الاستفهام. ومن ذلك قوله تعالى: " وقيل: لم يستثنوا حق المساكين. فعلى الثاني: الواو للحال أي: أقسموا غير مستثنين وعلى الأول: الواو للعطف أي: أقسموا وما استثنوا فهو حكاية الحال من باب: " وكلبهم باسطٌ ". وإن شئت من باب: " كفروا ويصدون " نظير قوله: " وأما قوله: " قال الجرجاني: كما لا يجوز أن يكون " لا نكذب " معطوفاً على " نرد " لأنه يدخل بذلك الحتم ويجرى مجرى أن يقال: يا ليتنا لا نكذب كذلك لا يجوز أن تكون الواو للحال لأنه يوجب مثل ذلك من دخوله في التمني من حيث كانت الواو إذا كانت للحال ربطت الجملة بما قبلها. فإذا قلت: ليتك تأتيني وأنت راكب كنت تمنيت كونه راكبا كما تمنيت الإتيان. فإن قلت ما تقول في مثل قول المتنبي: فليتك ترعاني وحيران معرضٌ لا يتصور أن يكون دنوه من حيران متمنًّى فإن ذلك لا يكون لأن المعنى في مثل هذا شبيه التوقيف نحو: ليتك ترعاني حين أعرض حيران وحين انتهيت إلى حيران ولا يكون ذلك إلا في الماضي الذي قد كان ووجد وكلامنا في المستقبل فهذه زيادة في آخر الكتاب تجئ على قول الفراء دون سيبويه وأصحابه من عطف الظاهر المجرور على المضمر المجرور يذهب إليه في عدة آي: منها قوله: " ومنها قوله: " ومنها قوله: " ومنها قوله: " ونحن ذكرنا الأجوبة في هذا الكتاب وأبطلنا مقالته أن سيبويه لا يجيز: بزيد و ك حتى تقول: وبك فأخذ هذا من ذاك ولأن حرف الجر لا ينفصل عن المجرور والتأكيد في هذا مخالف للعطف لأنه يجيز: مررت بك نفسك لأنه يجوز: مررت بنفسك ولا يجوز: مررت بك أنت وزيد حتى تقول: وبزيد فالتأكيد ب أنت: يخالف التأكيد بالنفس وللفراء أبياتٌ كلها محمولة على الضرورة. قالوا: والتوكيد بالمضمر المجرور لا يحسن عطف الظاهر عليه كما حسن في المرفوع لأن المرفوع بالفعل قد يكون غير متصل بالفعل الرافع له الظاهر فيه وإنما استحسن التوكيد لأن التوكيد خارج عن الفعل فنصبوه بمنزلة الفاعل الذي ليس متصلا فيعطف عليه كما يعطف على ما ليس بمتصل من الفاعل والمجرور لا يكون إلا متصلا بالجار فلا يخرجه التوكيد إلى شبه ما ليس بمتصل.
وهذا الباب وإن تقدم على التفصيل فينبغي أن يفرد له باب فمن ذلك قوله تعالى: " وقوله تعالى: " فالتقدير في هذه كلها: ما هي بعوضة وتماما على الذي هو أحسن وهو الذي هو في السماء إله. فأما قوله: " واستبعد أبو بكر قول سيبويه وقال: لأنه لو كان مبنياًّ لكل بناؤه في غير الإضافة أحق وأجوز ولا يلزم ذلك لأنه على تقدير إضافة لازمة مع الحذف وكلزوم الألف واللام في الآن. فإن قلت: لم استحسن: لأضربن أيهم أفضل وامرر على أيهم أفضل. ومثله قوله تعالى: " قال سيبويه: واعلم أن قولهم: فكفى بنا فضلاً على من غيرنا أجود يعنى الرفع وهو ضعيف وهو نحو: مررت بأيهم أفضل وكما قرأ بعض الناس هذه الآية تماما على الذي أحسن. واعلم أنه قبيح أن تقول: هذا من منطلق إن جعلت المنطلق وصفا أو حشوا فإن أطلت الكلام فقلت: خيرٌ منك حسن في الوصف والحشو. وزعم الخليل أنه سمع من العرب رجلا يقول: ما أنا بالذي قائل لك سوءا وما أنا بالذي قائل لك قبيحا إذا أفرده فالوصف بمنزلة الحشو لأنه يحسن بما بعده كما أن المحشو إنما يتم بما بعده. فنرى سيبويه رجح في هذا الفصل رفع غير وإن كان هو محذوفا على حده تابعاً ل من المذكور. والحديث ذو شجون جر هذا الحديث ما فيه تدافعٌ يدفع أحدهما صاحبه فمن ذلك هذا ما نقلته لك. ومنه قوله تعالى: " ولما كان هذا الكلام على هذا التجاذب قرأ من قرأ سورة يس: " ومما تجاذبه شيآن من هذا الجنس قوله تعالى: " ومن آياته يريكم البرق " فتحمله على حذف الموصوف أو على حذف أن وكلاهما عنده كما ترى إلا أن حذف الموصوف أكثر من حذف أن. ومنه قوله تعالى: " ومن ذلك قوله: " فهذا مما تجاذبه الحذف والزيادة وكان الحذف أكثر من الزيادة ومثله: " جعلوا الواو من قوله " وهو " والفاء من قوله " فهي " بمنزلة حرف من الكلمة فاستجازوا إسكان الهاء تشبيها ب فخذ و كبد لأن الفاء والواو لا ينفصلان منهما. ومثله لام الأمر من قوله: " استجازوا إسكانها لاتصالها بالواو فأما: " ثم ليقطع " وقوله " ثم هو " فمن أسكن اللام والهاء معها أجراها مجرى أختيها ومن حركها فلأنها منفصلة عن اللام والهاء. قال أبو علي: قد قالت العرب: لعمري و: رعملى فقلبوا لما عدوا اللام كأنها من الكلمة كما قلبوا قسيا ونحو ذلك وكذلك قول من قال: كاء في قوله: " ونحو ذلك. ومثل ذلك " ومن ذلك قوله: " الذي جعل لكم الأرض فراشاً " وقوله: " وقد قالوا: لم يضربها ملق فامتنعوا من الإمالة لمكان المستعلى وإن كان منفصلا كما امتنعوا من إمالة نافق ونحوه من المتصلة. ومن ذلك قوله: " فهذا بيانه نحوٌ من بيان سبب تلك و " جعل لك " إلا أنه أحسن من قوله: الحمد لله العلي الأجلل وبابه لأن هذا إنما يظهر مثله في صورةٍ وإظهار نحو " اقتتل " مستحسن وعن غير ضرورةٍ وكذلك قوله: " فيقول: قتل ومنهم من يقول: اقتتل فيثبت همزة الوصل مع حركة الفاء لما كانت الحركة عارضة للنقل أو للالتقاء الساكنين وهذا مبين في فصل الإدغام. ومن ضد ذلك قولهم: ها الله أجرى مجرى: دابة و شابة. وكذلك قراءة من قرأ: " ولا تيمموا " " ولا تفرقوا " " واذكروا " " ولا تعاونوا على الإثم " وقوله: " ومثله: " وألقى فتحتها على لم يقدر فصار تقديره: أيوم لم يقدر ثم أشبع فتحة الراء فصار تقديره: لم يقدر ام فحرك الألف لالتقاء الساكنين فانقلبت همزة فصار: يقدر أم واختار الفتحة إتباعا لفتحة الراء. ونحو من هذا التخفيف قولهم في المرأة و الكمأة إذا خففت الهمزة: المراة و الكماة وهذا إنما يجوز في المتصل. ومن ذلك قوله: " " لكنا أصله: لكن أنا فخففت الهمزة فحذفها وألقيت حركتها على نون لكن فصارت " لكنا " فأجرى غير اللازم مجرى اللازم فاستثقل التقاء المثلين متحركين. فأسكن الأول وأدغم الثاني فصار " لكنا " كما ترى. وقياس قراءة من قرأ " قالوا الآن " فحذف الواو ولم يحفل بحركة اللام أن يظهر النونين هناك لأن حركة الثانية غير لازمة فقوله " لكننا " بالإظهار كما يقول في تخفيف حوأبة و جيأل: حوية وجيل فيصبح حرفا اللين هنا لا يقلبان لما كانت حركتهما غير لازمة. ومثله قوله: " قالوا لان ". لأن قوله: " عاداً لولى " من أثبت التنوين في عاد ولم يدغمها في اللام. فلأن حركة اللام غير معتد بها لأنها نقلت إليها من همزة أولى فاللام في تقدير السكون وإن تحركت فكما لا يجوز الإدغام في الحرف الساكن فكذا لا يدغم في هذه اللام. و " عادا " على لغة من قال: ألحمر فأثبت همزة الوصل مع تحرك اللام لأنها غير معتد بها. ومن قال: " عاد لولى " فأدغم فإنه قد اعتد بحركة اللام فأدغم كما أن من قال: " قالوا لان " أثبت الواو اعتداداً بحركة اللام. ومثله قوله تعالى: " ومن ذلك قوله تعالى: " وقال أبو علي: فإن قلت: فقد اعتدوا بتحريك التقاء الساكنين في موضع آخر وذلك قوله: " فأما حذف الشاعر له مع تحريكها بهذه الحركة كما يحذفها إذا كانت ساكنة فإن هذه الضرورة من رد الشيء إلى أصله نحو يعنى بحذف الشاعر له قوله: لم يك الحق على أن هاجه رسم دارٍ قد تعفى بالسرر وقد ذكرنا في المستدرك أن هذا ليس بلغة من قال: لم يكن وإنما من لغة من قال: " ومن ذلك قوله: " يعتد بكسرة اللام والميم فلم يرد المحذوف كما اعتد بها في قوله: " فقولا له قولا لينا " " فقولا إنا رسول رب العالمين " فرد المحذوف لما اعتد بفتح اللام. ومن قرأ: " فقلا له قولاً لينا " حمله على قوله: " فيمن قرأ بضم الهاء إنما ضموا تبعا لضم الميم. وهي لالتقاء الساكنين وعلى ما قدمت تلك حركة لا اعتداد بها فكيف أتبعها الهاء قيل: إن من ضم الهاء أراد الوفاق بين الحركتين. وهم مما يطلبون المطابقة فكأنهم اعتدوا لأجل هذا المعنى بحركة التقاء الساكنين. فمن ذلك قوله تعالى: " و " وقوله: زنت الأمة وبغت الأمة فحذفوا الألف المنقلبة عن اللام لسكونها وسكون تاء التأنيث ولما حركت التاء لالتقاء الساكنين لم ترد الألف ولم تثبت كما لم تثبت في حال سكون التاء وكذلك: لم يخف الرجل ولم يقل القوم ولم يبع. ومن ذلك قولهم: اضرب الاثنين واكتب الاسم فحركت اللام من افعل بالكسرة لالتقاء الساكنين ثم لما حركت لام المعرفة من الاسم والاثنين لم تسكن اللام من افعل كما لم تسكنها في نحو: اضرب القوم لأن تحريك اللام لالتقاء الساكنين فهي في تقدير السكون. ومن ذلك قوله تعالى: " ومن ذلك قوله تعالى: " لم يهمزوها كما همزوا: أقتت وأجوه لما لم يعتد بحركة التقاء الساكنين. ومن ذلك قوله تعالى: " وقوله: " وقولهم: نوى. قالوا في تخفيف ذلك كله: رويا ونوى فيصح الواو هنا وإن سكنت قبل الياء من قال: إن التقدير فيهما الهمزة كما صحت في: ضو ونو تخفيف ضوء ونوء لتقديرك الهمز وإرادتك إياه. وكذلك أيضا صح نحو: شي وفى في: شيء وفيء كذلك.
|